إنا لله و إنا إليه راجعون
ففدنا اليوم أخاً مناضلاً عزيزاً كريماً شجاعاً قارع ظلم الطاغية الأب و الإبن في سوريا لسنوات طويلة و دفع الثمن وراء القضبان إنه الأستاذ المحامي محمد رعدون رحمه الله.
عملنا معاً منذ نهاية التسعينات على تأسيس اللجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي و الضمير في سوريا و من ثم أسـس الفقيد المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا و كان له دور مشهود في الحراك المدني الديمقراطي و المطالبة بالمكاسب الانسانية و الحقوق المهدورة للشعب السوري اليتيم.
إعتقل على خلفية نضاله السلمي نهاية الشهر الخامس من عام 2005 و زج به في السجن الانفرادي بظروف قاسية و معاملة مهينة و منع من الاتصال بالعالم الخارجي مما أفضى لتدهور حاد في حالته الصحية.
و بعد خروجه من السجن زارني بمكتبي و كان شاحباً و مصفراً و ضعيفاً و يعاني من أعراض هضمية فذهبت به لطبيب التنظير الهضمي الذي أعلمني بينما الأستاذ الرعدون تحت التخدير بأنه يعاني من سرطان بالمعدة و أن يجب استئصالها فوراً.
و بمساعدة كريمة من الدكتورة ليلى اللبواني تمكنت من إدخاله حجرة ا لعمليات و استئصال المعدة في غضون /24 / ساعة من تشخيص الحالة فإستقرت أوضاعه الصحية جزئياً لكن دون إمكانية العودة للعمل.
و بعد دخولي المعتقل بذل الفقيد جهد الطاقة للتواصل معي وتشجيعي و الوقوف إلى جانبي و أحاطني بحبه بعد خروجي.
رحم الله الأستاذ محمد رعدون المناضل الحقوقي الحالم بالحرية و العدالة الاحتماعية و المساواة و دولة القانون و المؤسـساتو الذي لم يكتب له أن تكتحل عينيه برؤية ما كنا نحلم به يتحقق على الأرض واقعاً ملموساً.
أمضى سنوات عمره صابراً محتسباً على أذى النظام راضياً بقضاء الله و قدره مستعداً للقاء ربه و ها هو يمضي بينما الكثير من أبناء سوريا الذين ضحى لأجلهم يعانون من ضعف الذاكرة و ضياع البوصلة لاسيما حديثي العهد بالسياسة أو متنطحي العمل السياسي أو سياسيي الصدفة فتراهم يتهافتون لتأبين المتسلقين على أكتاف الثورة و يتناسون أولي الفضل و التضحية بعمرهم و مستقبل أبناءهم في سبيل الحرية و الكرامة الانسانية.
رحمك الله يا أستاذ رعدون و أحسن مثواك
و جعل معاناتك و آلامك في ميزان حسناتك.
و إنا لله و إنا إليه راجعون