مقالات

في كيفية اختيار المنهج ، أمثلة دالَّة

عبد المجيد زراقط

في كيفية اختيار المنهج ، أمثلة دالَّة

     عبد المجيد زراقط

يحتاج الكلام على اختيار المنهج ، اللازم والكافي لتحقيق هدف البحث ، إلى تقديم أمثلة دالَّة وموضحة، وهذا ماسوف نقدِّمه في مايأتي  .

يقدِّم المنهج الداخلي- النصِّي  معرفة نقدية بأدبية النص وخصائصه البنيوية، بوصفه منهجاً مختصَّا بأداء هذه المهمة، وأداؤه هذا لا يحول دون قيام مناهج أخرى بمهمات أخرى تقتضي تحصيل معرفة بالمؤلِّف، فعلى سبيل المثال، إن أراد الناقد تفسير خصيصة في مسرحيات توفيق الحكيم : (المرأة الجديدة، النائبة المحترمة، جنسنا اللطيف)، على سبيل المثال، هي بناء شخصية المرأة، يجد أن عليه العودة إلى معرفة سيرة حياة الأديب، ليتبيَّن العوامل التي شكلت تجربته، ويحتاج هنا إلى استخدام منهجين خارجيين هما: الإجتماعي والنفسي، وإذ يستخدمهما يتبيَّن أن العوامل التي شكلت تجربة الحكيم الأدبية، والتي أملت مسرحياته المتميِّزة بتلك الخصيصة، هي: والدة تركية الأصل مستبدَّة، وإخفاق تجربة حب عنيف في فرنسا، والبقاء مدَّة طويلة من دون زواج، وفقر عالمه إلى المرأة الحنون..

إن الناقد الأدبي الذي يريد أن يعرف الخصيصة الأدبية لا يستخدم المناهج الخارجية، والذي يريد تفسير اتصاف النص بهذه الخصيصة أو تلك، وفهمها، لايستخدم المناهج النصِّية، فلكل منهج وظيفته، والخطأ هو أن يُعهد لمنهج بأن يؤدِّي وظيفة منهج اَخر.

 في مثال اَخر، وليكن شعر الكميت بن زيد الأسدي، فإن أراد الناقد معرفة بنية قصيدته ومكوِّناتها وأسلوبها ودلالتها، فإنه يحتاج إلى مناهج نصية، ولا يحتاج إلى معرفة الشاعر،. أما إذا أراد أن يفسِّر مجيء الطللية في نهاية القصيدة، وهي خصيصة بنيوية في قصيدة الكميت، فعليه أن يستخدم منهجاً تاريخياً اجتماعياً يقدم له معرفة مفادها أن الطللية كانت مطلوبة في ذلك العصر، من الرُّواة وعلماء اللُّغة والمؤدِّبين، لأسباب علمية وأدبية، وأن الكميت أخَّرها ليجبر المستمعين، وبخاصَّة الرُّواة وعلماء اللغة والمؤدِّبين، على سماع ما يريد قوله من شعر دَعَوي في انتظار سماع الطللية، وإذا أراد الناقد أن يفسر تميُّز شعر الكميت بخصائص جعلت شعره شبيها بالخطب المجوَّدة، فعليه أن يعود إلى حياة الشاعر ليعرف أنه كان أحد دعاة الثورة على الدولة القائمة، فكان شعره وسيلة من وسائل التأثير والحجاج والإقناع، فتميَّز بما يتميز به خطاب الدُّعاة من جدل، إضافة إلى القصد للتجويد واستخدام معجم لغوي يكثر فيه استخدام الغريب، ليجبر الرواة وعلماء اللغة على رواية شعره وحفظه والاستشهاد به..

 


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه:

تم كشف مانع الإعلانات

رجاء تعطيل مانع الإعلانات لكي تدعم موقعنا شكرا