أن يقوم الكاتب بتفعيل صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، والتفاعل مع أصدقاءه وقُراءه.. لصُنع جمهور، وشريحة اهتمام باسمه وكتاباته..
وكذلك أن يحضر جميع الفعاليات الثقافية والأدبية؛ للدعايا نفسه، ولاسمه، ولأعماله..
ولا شك أن لهذه النشاطات دور فعال في ارتفاع اسم الكاتب وشهرته، وقدرته على النشر، وتصدر قائمة المبيعات…
ولا شك أن أي كاتب يفعل ذلك ولو بنسبة معينة..
إنما في رأيي أن الجميع لا يستطيع أن يقوم بهذا التفاعل والنشاط بالدرجة المطلوبة..
فقد يكون الكاتب مشغولاً بحياته اليومية بعيداً عن شبكات التواصل..
قد لا يُجيد الدعايا لنفسه والترويج لكتاباته…
قد يكون معاقاً، تنقله عسير…
وقد تكون طبيعته منطوية وغير ميالة للنشر الغزير، والمتابعة المستمرة، وقضاء وقت طويل للتفاعل على شبكة التواصل..
هنا.. ماذا يفعل مثل هذا الكاتب…؟
هل يُزوى..
هل يذوب..
ألا يستحق مساعدة.. يد… حبل يشده لأعلى..
يقبل بالأمر الواقع والحقيقة المُرة..
أنه يعيش في غابـ… أقصد عالم.. الغلبة فيه للقوي…
في رأيي أن ما بين الكاتب والناس والمُتلقين، هو الكتاب..
الكتاب هو الذي يُقيمه لديهم..
الكتاب هو الذي يُوصلهم إليه، وليس العكس…
في رأيي أن مؤسسات النشر هي مَن تُعنى بهذا الدور… لأن مؤسستها أُقيمت على هذه الغاية.. أن تسعى في سبيل البيع والرِبح… لأن هذه أدواتها.. فكيف ستنشر دون أن تُسوق منتوجها ؟!
يبقى فقط أن تتحلى بالضمير، والعدل في الترويج…
مؤسسات النشر الحالية تركت مهمتها على الكاتب أو على مؤسسات الثقافة الشبابية مثل مبادرة شغف … تخلت عن دورها مكتفية برؤيتها الفنية للترويج لكتابهم الذين يحملون نفس الرؤية…
ليس شرطاً أن يُروج الكاتب لنفسه.. ما دام هناك طُرقاً أُخرى للقيام بهذا الدور..
الكاتب ليس مهمته الترويج لنفسه.. هذا يتناقض مع وظيفته وقدراته إذا انعدمت…
لو تحدثت عن نفسي.. فأنا مستعد أن أتعامل مع مؤسسة ثقافية، تملك أدوات تقنية حديثة؛ للترويج لأعمالي بطُرق محترفة، حتى لو دفعت مُقابل، بحسب ما أستطيع…
أعتقد أن الثقافة تحتاج أن تعلو بدون أن يكون للكاتب دخل في ذلك..
لأننا نريد نشر ثقافة أدبية في المجتمع، وليس الغرام بكاتب يتحول إلى نجم…!
يجب أن نغير هذه المفاهيم…
الهدف ليس الترويج لكاتب.. بل الترويج لقيم وإشكاليات وأفكار ومتعة وثقافات تستحق الرواج والاهتمام والشيوع…
ومن أجل ذلك.. فوجود هذه المؤسسات بكثرة أمر مهم جداً، لاحتواء العدد المُتزايد من الكُتاب والمُبدعين، وتدارك الإقبال الكبير على القراءة والثقافة والكتابة…
عليها أن تتصيد أو أن تتلقف طرف حبل بعض هؤلاء الكُتاب الضعاف في التسويق لأنفسهم أو لأعمالهم.. لأنهم مكسبها، ووقود سباقها ومنافستها…
بالنسبة لي فأنا أُحاول بقدر إمكاني أن أسير على الطُرق الشائعة للترويج لنفسي ولكتاباتي .. لأني أعرفها جيداً، وأعرف جدواها..
وبرغم طبيعتي وظروفي فإنني أدفع بنفسي دفعاً على قدر ما أستطيع للترويج والتسويق..
لستُ مستكيناً تماماً، وباستمرار أعمل على دفع إعلاناتي وكتاباتي على الصفحات والمجموعات لتكون في الصدارة…
إنما يبدو أنها لا تكفي.. أبداً…
العجيب أننا نشكو جميعاً من أن وجودنا على مواقع التواصل الاجتماعي.. يُضيع لنا كثير من الوقت.. وتُلهي هذه المواقع الموهوب عن الإنتاج أو الأعمال المفيدة.. أو القراءة…
ومع ذلك ندعو لمزيد من استهلاك الوقت على شبكات التواصل الاجتماعي، وتضييع فرص للكتابة أو القراءة.. في وقت نحن أحوج فيه للثقافة والقراءة، وإنتاج الفِكر والإبداع من أجل هذا المجتمع الراكد، المُكتئب وراء الشاشات…
مَن منا سيقرأ شلالات الكتب في المكتبات إذا كان مُتابعاً وفعالاً على الفيس ؟
مَن منا سيُنتج الكتب والفِكر والأدب وجميل الكلمات إذا ظل عاكفاً على الفيس..؟ سيفعل بلى.. لكن مع فارق زمن كبير بين أن يُنجز أو يستغل وقته…
القراءة والكتابة + استغلال الوقت + فرق السُرعة..
هذه هي المعادلة التي لا نستطيع حلها..
تقصيرنا في حلها هو ما يُسيرنا ببطء للحاق بركب التقدم والرُقي الحضاري والثقافي…
وما أن نُدرك حل هذه المعادلة ونعمل على تطبيقها سنجد أن الوقت قد فات…
قيمة الوقت.. وفرق السرعة…
أنا لا أستخف بالطُرق المطروحة.. أبداً.. هي مهمة.. لكن ليست مهمة الكاتب… وليست هي الطريقة الوحيدة…
كل أفكاري وأحلامي ونظري متوجهين ناحية إيجابيات ثقافة الغرب وأوروبا.. كيف وصلوا لها بجدية…
هناك كل إنسان له وظيفته.. والكل له دور.. لا يبغي امرئٍ على وظيفة غيره..
هناك تعاون، وعمل جماعي رائع للغاية..
يُوفر الجُهد على الجميع، ويجعل الحياة بسيطة..
هو منهج لو طبقناه سهلت علينا الحياة..
ولاستطعنا الوصول لأحلامنا بسرعة…
النجاح في الحياة ليس في التعب..
إنما في التعاون، والتضافر، والتكاتف، والتكتل، وتوزيع الأدوار، والعمل الجماعي..