المهدي المنتظر
ومدى علاقته مع الحركة المرشدية
قبل محاولة البحث في الخلفية الاجتماعية للحركة المرشدية لا بدّ من التأكيد على الدور الهام للجانب التراثي في مسألة ظهور المهدي , الذي يحسم الأمور بسيفه وله قوة خارقة . وقد خدمت فكرة المهدي عند الشيعة في الحفاظ على شمل الطائفة بإبقائها تحت قيادة الرمز ألإمامي .
{ راجع : ” بحار الأنوار ” لمحمد باقر المجلسي , المجلدان 52 , 53 } ووفرت عند أهل السنة تعويضا نفسيا لحالة الإحباط , التي نشأت من انتكاس السيادة الإسلامية وتخلخل النمو الحضاري . راجع : ” عقد الدرر في أخبار المهدي النتظر ” جمع يوسف بن موسى المقدسي . القاهرة 1979 }
في البدء لابد من الإشارة إلى الدور غير المباشر لانهيار الدولة العثمانية عام 1918 , التي اضطهد حكامها سكان الجبال العلويين وأذاقوهم ألوانا من القهر والاضطهاد وجدت إحدى تعبيراتها في خلق الظروف لبعث فكرة ” المهدي المنتظر ” بشكل يتلاءم مع مستوى تفكير الجماعة الحالمة بتحسين أوضاعها وظروف معيشتها وصون كرامتها . وهذا الأمر بحاجة إلى دراسة متخصصة تعتمد أيضا على باحثين من داخل الحركة , على معرفة دقيقة بعقائدها وتاريخها وفهم آليات عملها .
ما يمكن القول به في رأينا : إن الحركة المرشدية هي أحد تجليات الحلم التاريخي لدى الجماهير المضطهدة بعودة المهدي المنتظر , الذي , في مثالنا وحسب رأي المرشديين : ” سيقيم الدين ويحمل سيف الخضر ويفتح مصر والبلاد العربية ثمّ يتوجه بجيشه العرمرم إلى الهند فينصب نفسه ملكا عليها ” { دكر … ص 40 } .
وكثير من الحركات التي رفعت راية المهدي المنتظر , الذي ” يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا ” كانت انعكاسا لتحركات اجتماعية اتخذت مظهرا دينيا يتلاءم مع مفاهيم ومستوى تفكير من سار وراء الحركة . ولم يكن غريبا أن عباس محمود العقاد أنشأ مقالا في جريدة الأخبار القاهرية عن حركة سليمان المرشد واضعا إياها في إطار ما ظهر من مِلل ونحل في التاريخ الإسلامي .
والواقع أن الأديان الأخرى عرفت أيضا ظاهرات المِلل والنِحل , وظهور ” المخلص ” , وإحاطته بهالة من القدسية كانت ملاذا روحيا أمينا لمعتنقي تلك الحركات يساعدهم على تجاوز هموم الحياة وجور الحكام وقسوة الطبيعة
الحلقة القادمة : الظروف الاقتصادية والاجتماعية , التي عاشت الحركة المرشدية في إطارها