ولكن في أي مصب راحت تصب هذه الثورات، بل الانتفاضات وحركات التحرر والعصيان، وعلى أي طريق تمضي، وإلى أية أهداف مرحلية أو بعيدة تهدف، وأين تلتقي ومن أي منظور تاريخي واستراتيجي تنظر ؟ ذلك ما يبقى سؤالاً مطروحاً، وكذلك يبقى سؤالنا ” القضية ” هنا، وهو كيف يمكن للمشروع العربي الوحدوي أن يتقدم، وأن يعم سورية ويصل إلى العراق، من غير أن يتصادم مع تلك الأهداف الوطنية الكردية، أو أن تأتي لتعترض سبيله، في وقت تتداخل فيه الأرض الوطنية والمواطن البشرية، وتتصارع مصالح إقليمية وأخرى دولية، وتتشابك أيديولوجيات وقوى، وتقوم تحالفات منها الوطنية ومنها غير الوطنية، كما تقوم صراعات نظم وقوى حزبية تشد في هذا الاتجاه أو ذاك، وتغذى عصبيات كانت لمراحل ما قبل القومية وهي ما دون الوطنية، وقد تصد عنها وتشتت أهدافها ووحدتها.
فكيف للمشروع القومي الكردي، إذا ما أعطيناه أبعاده كمشروع تحرر وطني ووحدة شعب وأرض، أن يتلاقى ويتعاون، وأن لا يتعارض أو يتصادم، مع الأهداف والمطامح العربية التحررية والوحدوية، في إطار الظروف الراهنة المطبقة على المنطقة.
وإذا ما وقفنا مع المؤلف نؤكد على القربى والإخاء وروابط الدين والتاريخ، فهل حال ذلك كله دون نشوب ذلك الصراع الدامي، والذي طال وتوالت حلقاته على أرض العراق العربي ومن حوله ؟ وهل حال أيضاً دون أن تأتي العديد من الحركات والتحركات السياسية الكردية تعترض سبيل المشاريع والتحركات العربية الوحدوية ؟ وفوق ذلك أولم يشر الكثيرون إلى أن بين العوامل التي جعلت بعض الأحزاب الشيوعية العربية تعارض مشاريع الوحدة بين مصر وسورية ثم بينهما وبين العراق، العصبية الكردية التي كانت تشد بعض قيادات تلك الأحزاب لتقف موقفاً لا قومياً من قضية الوحدة العربية، ولتقف إلى جانب القوى السلبية التي فوتت على أمتنا فرصة من الفرص التاريخية الكبرى ؟
اقرء ايضا:
الجزء الاول من المقال
الجزء الثاني من المقال
الجزء الثالث من المقال