استيقظ إسماعيل في الثالثة صباحا على مواء القطة التي تقف على حافة الشرفة في حجرته، وأخذت القطة تطرق على زجاج الشرفة بقدمها حتى أتى إليها إسماعيل، وبمجرد أن فتح إسماعيل زجاج الشرفة قفزت القطة مسرعة إلى داخل الحجرة وجلست على السرير تحاول أن تلتمس فيه الدفء هربا من الطقس شديد البرودة في الخارج، ونام إسماعيل بجوارها.
في الصباح أحضر إسماعيل طبق بلاستيك صغير ووضع فيه لبن وأذاب فيه بعض قطع البسكويت ثم وضعه للقطة التي أخذت تلعقه بنهم شديد، وبعد أن تناولت القطة وجبتها أسرعت لتقف بجوار الشرفة فأقبل إسماعيل إليها وفتح الشرفة فأسرعت تجري إلى الخارج.
خرج إسماعيل من منزله في تمام الثامنة صباحا، وكانت القطة ترافقة منذ خروجه حتى تحرك بسيارته إلى عمله. وصل إسماعيل إلى مكتبه في تمام التاسعة إلا عشر ة دقائق وكان المهندس رياض في إستقباله حيث هنئه على الترقية التي حصل عليها، وتبسم إسماعيل قائلا بإن القطة كانت صاحبة فائلا حسنا عليه، ولم يفهم رياض شيئا من حديث إسماعيل وعاد ادراجه إلى مكتبه.
في المساء عاد إسماعيل إلى منزله والتقى بجاره الأستاذ محمد عيد الذي يهنئه على العودة من الأراضي الحجازية بعد أداء مناسك العمرة. جلس إسماعيل بعد تناول وجبة العشاء مع الأستاذ محمد عيد يتابعان مبارة الأهلى في نهائي دوري الأبطال على أحدى القنوات الرياضية في التليفزيون، وكانت نتيجة المبارة تأخر النادي الأهلي بهدف لصالح الفريق المنافس. مضت لحظات وجذب أنتباه إسماعيل صوت طرقات خفيفة على زجاج الشرفة فوجد القطة تطرق على النافذة، فقام إسماعيل بفتح النافذة وبمجرد دخول القطة أحرز النادي الأهلي هدف التعادل ففرح جدا إسماعيل، وأمسك بالقطة وقبلها قائلا إنها صاحبت فائلا حسنا حيث تم ترقيتي صباحا والأن يتعادل النادي الأهلي، ولم تمضي سوى دقيقتان حتى أحرزالنادي الأهلي هدف الفوز في الدقيقة الأولى من الوقت الضائع فأخذ إسماعيل يقبل في القطة فرحا بفوز النادي الأهلي ببطولة أفريقيا وأحضر لها كوب كبير من الزبادي وضع معه العديد من قطع البسكويت.
مضت أسابيع وتكررت زيارة القطة لإسماعيل مساءا كل يوم وتبيت معه في حجرته تلتمس الدفئ من برد الشتاء ووجبة العشاء والأفطار، و يغدق إسماعيل عليها بمزيد من المحبة والحنان حتى أصبحا صديقين.
يقوم إسماعيل بجولة لشراء تليفون محمول جديد بأحد المولات، وبعد شراء التليفون الجديد أخذ يتجول في أرجاء المول حتى أستوقفه متجر لبيع أكسسوارات للحيونات الأليفة، وعجبه أحد الأطواق المزين بقع من الفضة فأشتراه للقطة ولا يعلم ما الذي دفعه ذلك سوى حبه لهذه القطة.
عاد إسماعيل في المساء إلى منزله مرهقا من التسوق في المول، وبمجرد دخوله حجرته حتى وجد طرق على شرفة الحجرة فقاوم الشعور بالأرهاق وفتح النافذة الزجاجية للشرفة، وأقبلت القطة تتعلق به فاحتضنها وأخذ يربت على ظهرها برفق وحنان. جلس إسماعيل على السرير والقطة في أحضانه واخذ يداعبها، والقطة تداعبه وأحضر السوار الفضي الذي أبتاعه لها من المول فألبسها أياه، والقطة تداعبه وتلعقه بلسانها من وجنتيه بلطف.
لم تمض سوى لحظات معدودة حتى قال إسماعيل وهو يداعب القطة لوجدت إمرأة تلاطفني وقلبها ممتلأ بالمشاعر الدافئة والمحبة مثلك لتزوجتها فورا، وفجأة وجد إسماعيل فتاة ممشوقة القوام وفي غاية من الجمال تجلس بجواره على السرير. في بداية الأمر صعق إسماعيل من المفاجأة حتى إنه ابتعد عنها وهو يرتجف وأخذ يسمي باسم الله ويقرأ بعض أيات من القرآن الكريم، وظل إسماعيل يرتجف خوفا مما حدث حتى أقتربت الفتاة منه قائلة لا تخف لقد أنقذتني من سجن الترنيمة اللعينة التي حبستني بها زوجة أبي في هيئة قطة قرابة خمسة الآلف عام.
أخذ إسماعيل يهدأ قليلا ولكنه في دهشة كبيرة من الأمر فسألها من أنت فقالت أنا الأميرة نهاليا الأبنة الكبرى للملك واعمس السابع، فسائلها إسماعيل بدهشة من هو ذلك الملك الذي لم أسمع عنه من قبل، وبدأت الأميرة نهاليا تروي لإسماعيل قصتها.
أخذت الأميرة نهاليا تروي قصتها حيث إنها الأبنة الكبرى للملك واعمس الأول أحد ملوك أسرة الواعمسة، وقد توفيت أمها الملكة تاتا التي تنتمي للأسرة الملكية بعد مولدها بأسبوع من أثر الحمى التي أصابتها فور الوضع. وبعد وفاة أمها بستة أشهر تزوج الملك واعمس السابع من ألارا أبنة كبير الكهنة، وبالتالي لا تنتمي للأسر ة الملكية وهي تنتمي إلى قبيلة من الصحراء القريبة من طيبة. وكانت ألارا تمارس السحر الأسود وبعد زواجها من أبي أنجبت مولود ذكر بعد عام تقريبا من زواجهما، وبعد أن بلغت السادسة عشر عزم الملك واعمس السابع على أن أكون الوريثة الشرعية للعرش من بعده. فلم تنصاع ألارا لرغبة أبي وتذرعت بإن شئون الملك تحتاج إلى رجل وليس لفتاة، ولكن الملك واعمس السابع لم يأخذ برأيها حيث إن أمي تنتمي إلى الأسرة الملكية وبذلك فإن الدماء التي تجري في عروقي هي دماء ملكية خالصة وبذلك أستحق العرش عن أبنه من ألارا.
أعدت ألارا مكيدة شيطانية حيث دست السم للملك واعمس السابع ومات مسموما على يديها الأثمة، وأستخدمت السحر السود وأعدت ترنيمة حولت الأميرة نهاليا إلى قطة وبحيث تصبح مخلدة في هيئة قطة مهما أمتد بها العمر إلى أن يزول أثر سحر الترنيمة في حالة تمني أحد الأشخاص الزواج بها وهي على هيئة قطة. على أن يصبح عمر الأميرة نهاليا بعد زوال سحر الترنيمة لا يتجاوز أثنين وعشرين عاما مهما أمتد بها العمر وعلى أن تعود إلى حالتها الطبيعية مثل أي فتاة أخرى.
ظل إسماعيل مندهشا من حديث الأميرة نهاليا ولكنه سألها وماذا ستفعلين الأن وأنت تعيشين في عصر غير العصر الذي كنت تعيشين فيه وأين ستقيمين، مضت لحظات من الصمت بين إسماعيل ونهاليا إلى أن قالت نهاليا سأقيم معك في منزلك فرد إسماعيل ولكن أنا أقيم بمفردي هنا وخاصة بعد وفاة والدي فإذا شاهدك أحد من الناس فماذا أقول له، فردت نهاليا قل لهم أنني أختك ورد إسماعيل مبتسما أختي الوحيدة متزوجة وتقيم بالأسكندرية مع زوجها منذ خمسة سنوات تقريبا. وبعد فترة قال إسماعيل إذا فلتقيمي معي وتبيتين في الغرفة الثانية شرط ألا تطلي من أي شرفة ولا يراك أحد مطلقا حتى أجد لك حلا.
مضى أسبوع وإسماعيل كل يوم يخرج ويغلق الشقة على نهاليا صباحا إلى أن يعود إليها مساءا، وقد بدأ إسماعيل في تعليمها أسلوب الحياة العصرية بدأ من تناول الطعام حتى مشاهدة التلفزيون، وأثناء تلك الفترة أكتشف إسماعيل إن لدى نهاليا قدرات خارقة حيث تستطيع تحريك الأشياء عن بعد وأن ترى ما وراء الجدران وأن تسمع حديث الأخرين من ساكني المنزل الذي يقيم فيه. وأكثر ما لفت نظر إسماعيل هو قدرة نهاليا في تعلم القراءة والكتابة بسرعة فائقة وأستخدام الكمبيوتر والتصفح عبر شبكة الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي. أما أكبر مفاجأة لإسماعيل فهي قدرة نهاليا في التواصل الطيفي معه عن بعد حيث أستطاعت التواصل معه في مكتبه بالإتصال الطيفي وهي جالسة في منزله.
في أحد الأيام بعد مضي شهر وأثناء تناول طعام العشاء تحدث إسماعيل مع نهاليا عن أسرتها وحياتها وأبدى لها إنه كان يتمنى أن يكون معها في عهد أسرتها، فكانت مفاجأة أخرى لقدرات الأميرة نهاليا الخارقة أن قامت معه في رحلة عبر الزمن إلى عصر أسرتها وشاهد كيف كانت نهاية ألارا حيث ثار الشعب عليها ثورة عارمة، وحاصرها الشعب في قصرها وتضامن الجيش مع الشعب وحاولت ألارا الفرار مع أبنها ولكن كانت نهايتهما مريرة حيث أنقلبت بهم العربة الملكية من فوق أحد التلال فدكت أعناقهما، وبايع الشعب أبن عمها أمير الوجه البحري ملكا للبلاد.
في ذات مرة وأثناء عودة إسماعيل إلى منزله التقى بالأستاذ محمد عيد على السلم أمام باب شقته، وأخذ الأستاذ محمد عيد يمتدح في أخلاق إسماعيل وأخلاق والديه رحمهما الله ثم أخذ يعاتبه على سوء تصرفاته في الفترة الخيرة. وظل إسماعيل مندهشا من كلام الأستاذ محمد عيد إلى أن سأله لماذا يعاتبه على سوء تصرفاته في الفترة الأخير، فسأله الأستاذ محمد عيد عن سر الفتاة التي معه في الشقة، وهنا شعر إسماعيل بالإتصال الطيفي من الأميرة نهاليا وتطلب منه أن يدخل الأستاذ محمد عيد معه إلى الشقة ليعرف الحقيقة.
دخل إسماعيل وبصحبته الأستاذ محمد عيد وجلس في الأنترية ثم دخل حجرة نهاليا وخرج معها وقدمها إلى الأستاذ محمد عيد، وأخذ إسماعيل يروي له قصتها وفي نهاية الأمر ضحك الأستاذ محمد عيد جدا ثم تحدث قائلا وهل تريد مني أن أصدق هذه الهراءات، ولكن الأميرة نهاليا قدمت له دليل على صدق القصة فأشارت إلى التليفون المحمول الخاص به فأرتفع في الهواء ثم قالت له إن أخر مكالمة كانت مع صديقك الحاج إبراهيم يهنئك بسلامة العودة من العمرة ثم وضعت التليفون المحمول على المنضدة الصغيرة مرة أخرى، وظل الأستاذ محمد عيد مندهشا للحظات ثم قال أمنت بالله ولكن لا يمكن أن يستمر الوضع هكذا مغبة سوء ظن الجيران بأخلاق إسماعيل. فقال إسماعيل لقد فكرت كثيرا في هذا الأمر خاصة أنني أحببت نهاليا كثيرا وأريد أن أرتبط بها فإزداد وجه نهاليا حمرة من الخجل ولكن كيف وهي لا تحمل شهادة ميلاد على الأقل، وبمجرد سماع الأستاذ محمد عيد أسم نهاليا حتى لمعت في ذهنه فكرة فقال بفرحة وجدتها ورددها عدة مرات.
كانت الفكرة التي لمعت في ذهن الأستاذ محمد عيد حينما تذكر إنه كان رزق هو وزوجته رحمها الله بعد زواجهما بطفلة جميلة وأطلق عليها أسم نهال، ولكنها توفيت وهي في الرابعة من عمرها وهويعمل مدرسا في محافظة مرسى مطروح ومن شدة حزنهم عليها إنهما قاما بدفن أبنتهما بمعرفة بعض البدو ولم يستخرج لها شهادة وفاة أي إن أبنته نهال في نظر الوثائق الرسمية مازلات على قيد الحياة، وبذلك يعلن الأستاذ محمد عيد عن عودة أبنته من لدى أقاربه حيث إن زوجته توفيت قبيل إقامتها في هذا المنزل. وإن الأبنة كانت لدى أحد أقاربه لرعايتها.
بعد أيام قليلة أعلن الأستاذ محمد عيد عن قدوم أبنته الوحيدة نهال، وقام بإستخراج شهادة ميلاد جديدة وكذلك بطاقة بأسمها، ولم تمضي أيام على قدومها حتى أعلن عن خطوبتها لإسماعيل وسرعان ما تزوج من نهال في غضون أسابيع قليلة.
الأميـرة نهاليـا وسر التعويذة” بقلم وائل المشتــــولى
جميلة ومسليه
شكرا على مشاركت أستاذ خالد محسن
شكرا لمتابعتكم الكريمة