أبو الحسن الششتري – كريم محمد الجمال
أبو الحسن الششتري أبو الحسن علي بن عبد الله الشُّشتري الأندلسي المغربي الشاذلي.
وُلد عام 610 وتُوفي عام 668 هجرياً في قرية طينة قرب دمياط . كان رحمه الله من أبناء الملوك، فأبوه كان أميرًا بقرية شُشتر من عمل وادي آش، فجذبه الحقُّ إليه، فخلع ما كان عليه من لبس الأمراء، وارتدى ملابس الفقراء. يقول عنه ابن الخطيب في الإحاطة (عروس الفقراء، وأمير المتجردين، وبركة الأندلس، لابس الخرقة).
حفظ القرآن وتعلم أصول الفقه، وصحب الأستاذ ابن سَبْعين رحمه الله وجاء إليه، وقال له: مُرادي دخولُ الطريق، ومشاهدة أسرار القوم.
فقال له: حتى تبيع متاعك، وتخلعَ ثيابك، وتذهب إلي مكناس المدينة المغربية الجميلة، فجعل يُنشد الأشعار في المحبة ويسمعه في الأسواق يقول : شُويِّخ من أرضِ مكناس في وسط الأسواق يغني ايش عليّا أنا من الناس وايش علي الناس مني كان ينشد أشعاراً باللهجة المغاربية العامية، شويخ تصغير شيخ وذلك التواضع، ايش كلمة عامية تعني ماذا.
ومن أشعاره الرائعة لوصف حبه واشتياقه إلي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم : يا سروري بطيبه حين أراها نطيبُ وأشاهد بعيني لربوع الحبيبُ وأقول عند قبره يا سامعُ يا مجيبُ أنا عاشق مليح و نسله عربي الحال يمشي بخير اصبر يا قلبي وقال أيضاً : أقسمتُ لا ينثني لواء عن صاحب الحوض واللواء محمدٌ أشرقُ البرايا وقبلة الحق للدعاء أمناؤه أنبأت بصدق بأنه خير الأنبياء أشار للبدر بانقسام فانقسم البدر في السماء من أروع ما كتب عن الشوق والتعلق بالذات الإلهية رغم لوم بعض الناس من الجاهلين بحاله: سُلُوِّي مكروه وحبكَ واجبٌ وشوقي مقيمٌ والتواصلُ غائبُ وفي لوحِ قلبي ودادكَ أسطرٌ ودمعي مِدادٌ مثل ما الحسن كاتبُ وقارئ فكري للمحاسن تالياً علي درسِ آيات الجمال يواظبُ أنزّه قلبي في سماء جمالكم لثاقب ذهني نجمها هو ثاقبُ حديثُ سواكَ السمع عنه مُحرَم فكلي مسلوبٌ وحُسنك سالبُ.
ويعد أبو الحسن الششتري من أشهر الشعراء والمادحين، فهو أميرهم في المغرب وشهرة أشعاره العذبة تجاوزت المغرب والاندلس، فامتلأت بها حلقات الذكر والسماع في العالم كله، ومما اُشتهرَ علي ألسنة المادحين : يا حياتي وأنتَ في ذاتي حاضر لا تغيب أنتَ أسكرتني علي السُكر من لذيذ الشراب ثم خاطبتني كما تدري ففهمتُ الخطاب ثم شاهدتُ وجهكَ البدري عند رفع الحجاب ثم صيرتني رقيب ذاتي كنتَ أنت الرقيب المعني العام للأبيات : أن الله عز وجل بقيوميته وديمومته وعلمه حاضر لا تأخذه سنة ولا نوم حتي وإن ذكره العبد او غفل عن ذكره، وذلك لأن أصل الإنسان المخلوق من نفخة الروح في آدم أبي البشر فكل إنسان بداخله هذا المكون الإلهي النوراني، تحيا الروح وتسمو بالطاعة وتخفت وتبهت بالمعصية، وينعم الله علي عباده وخواصه بنعمة المحبة فهو يهديهم إلي طريقه ويأتي بهم إلي حضرته وتلك أكبر نعمة، ينادمهم ويصافيهم بأسراره وحكمته كما يشاء بالقوة الإلهية، ويرفع لهم من الحجب وتكون الرؤية بالقلب فتغيب ذواتهم عن رؤية أنفسهم فيروا عظيم صنع الله في الكون وتجليه علي الموجودات وعند انمحاء الوجود الإنساني المُحدث في الوجود الرباني القديم تتحقق مراتب مثل الفناء والبقاء وغير ذلك، وذلك المعني نجده في الحديث القدسي المشهور عن العباد الربانيين (حتي أحبه فأكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به……). أُدخِلِ الحانَ وشاهد المعني لتنالَ الأمان كي تراني بين الدِنان عاكفاً شاخصاً للدياّن وسقاني ساقي المُدام دوري قبل دور الزمان أنتَ تدري من كان ساقينا القريبُ المجيب يا حياتي وأنتَ في ذاتي حاضر لا تغيب وسمعتُ الخطابَ من ذاتي من مكان قريب المعني العام للأبيات : يخاطب أبو الحسن احد تلاميذه، أو شخصا وهميا تخيليا وهذا من عادة الشعراء لاثارة الذهن وجذب الانتباه، وكأنه يعلمه الطريق إلى الله ليكون من أولئك الأولياء العارفين. يطلق المتصوفة علي الله عز وجل رمز الساقي والخمر الغير مسكرة هي المحبة ولما كان الله أزليا ولا تجري الحوادث وأحكام المكان والزمان فإن تلك المحبة أزلية أيضا تشعر بها الأرواح.
اقرأ أيضًا: عمر ابو ريشة الشاعر والدبلوماسى السورى